کد مطلب:240979 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:126

صماء صیلم
روی الصدوق بسنده إلی ابن محبوب عن أبی الحسن الرضا علیه السلام قال قال لی: «لابد من فتنة صماء صلیم یسقط فیها كل بطانة و ولیجة؛ و ذلك عند فقدان الشیعة الثالث من ولدی یبكی علیه أهل السماء و أهل الأرض و كل حری و حران [1] و كل حزین لهفان.

ثم قال: بأبی و أمی سمی جدی و شبیهی و شبیه موسی بن عمران علیه السلام علیه جیوب النور تتوقد بشعاع ضیاء القدس كم من حری مؤمنة و كم من مؤمن متأسف حیران حزین عند فقدان الماء المعین كأنی بهم آیس ما كانوا، نودوانداء یسمع من بعد كما یسمع من قرب یكون رحمة علی المؤمنین و عذابا علی الكافرین». [2] .

قال الجزری: الفتنة الصماء: هی التی لاسبیل إلی تسكینها لتناهیا فی دهائها لأن الأصم لایسمع الاستغاثة و لایقلع عما یفعله، و قیل هی كالحیة الصماء التی لاتقبل الرقی. [3] .

قال المجلسی بعد النقل للفظ الجزری: أقول: لایبعد أن یكون مأخوذا من قولهم: صخرة صماء أی الصلبة المصمتة كنایة عن نهایة اشتباه الأمر فیها حتی لایمكن النفوذ فیها و النظر فی باطنها و تحیر أكثر الخلق فیها، أو عن صلابتها و ثباتها و استمرارها.

و الصیلم: الداهیة و الأمر الشدید، و وقعة صیلمة أی مستأصلة. و بطانة الرجل: صاحب سره الذی یشاوره فی أحواله: و ولیجة الرجل: دخلاؤه و خاصته أی: یزل فیها خواص الشیعة. و المراد بالثالث: الحسن العسكری و الظاهر رجوع الضمیر فی «علیه» إلیه. و یحتمل رجوعه إلی إمام الزمان المعلوم بقرینة المقام، و علی التقدیرین المراد



[ صفحه 319]



بقوله سمی جدی القائم علیه السلام. [4] .

أقول:

المراد من قوله علیه السلام: «من ولدی» هو الجواد علیه السلام و علیه فلا ینطبق الثالث إلا علی المهدی علیه السلام و آخر الكلام قرینة علی المراد إلا أن یقال إن الفصل لكمة «ثم قال» كلام ثان یخص المهدی و قبله خاص بالحسن العسكری و للتأمل فیه مجال واسع.

قوله علیه السلام: «علیه جیوب النور» قال المجلسی: لعل المعنی أن جیوب الأشخاص النورانیة من كل المؤمنین و الملائكة المقربین و أرواح المرسلین تشتعل للحزن علی غیبته، و حیرة الناس فیه و إنما ذلك لنور إیمانهم الساطع من شموس علوالم القدس.

و یحتمل أن یكون المراد بجیوب النور الجیوب المنسوبة إلی النور و التی یسطع منها أنوار فیضه و فضله تعالی.

و الحاصل أن علیه علیه السلام أثواب [با] قدسیة خلع [-عا] ربانیة تتقد من جیوبها أنوار فضله و هدایته تعالی و یؤیده ما مرفی روایة محمد بن الحنیفة عن النبی - صلی الله علیه و آله - «جلابیب النور».

و یحتمل أن یكون «علی» تعلیلیة أی: ببركة هدایته و فیضه علیه السلام یسطع من جیوب القابلین أنوار القدس من العلوم و المعارف الربانیة. [5] .

أقول:

إذا كان «القدس» بمعنی الطهر و النقاء الذاتی الذی لایحمل أی كدربل شأنه القداسة و الكرامة، فلا محالة یراد من «علیه جیوب النور» سطوع النور من بدن المهدی و روحه الطاهر إلی فوق قمیصه و من أثوابه المقدسة تتقد أشعة النور لظاهر العالم



[ صفحه 320]



و باطنه، و یراد منها أی من الجیوب ثبابه و المهدی علیه السلام هو أصل النور.

أویراد أن الله عزوجل كساه من كسوة الأنوار الربانیة و قد جاء السؤال عنها من الإمام السجاد علیه السلام: «ما بال المتهجدین باللیل من أحسن الناس وجها؟قال: لأنهم خلوا با لله فكساهم الله من نوره». [6] .

إذا كان المؤمن اذا خلا بربه فی صلاة اللیل كساه الله عزوجل من نوره فما ظنك بإمام المؤمنین مهدی آل محمد صلی الله علیهم و سلم الذی هو معدن النور الموهوب الذاتی الربانی المشتق من النور النبوی و العلوی أول ما خلق الله عزوجل.

ففی نبوی: «یا علی إن الله تبارك و تعالی كان و لاشی ء معه فخلقنی و خلقك روحین من نور جلاله...». [7] .

و باقری: «قال رسول الله - صلی الله علیه و آله -: أول ما خلق الله نوری ابتدعه من نوره و اشتقه من جلال عظمته». [8] .

قوله علیه السلام: «شبیهی و شبیه موسی بن عمران علیه السلام». كان الرضا علیه السلام فیه الشبه النبوی فالمهدی عجل الله فرجه كذلك علی أنهما من ولد الحسین علیه السلام، و هو و أخوه الحسن فیهما الشبه النبوی و العلوی.

و لعل حدیث «أولنا محمد،و أوسطنا محمد، و آخرنا محمد، و كلنا محمد». [9] ناظر إلی الشبه المحمدی فی الصورة كما هم علیهم السلام كذلك فی السیرة.

و أما شبه المهدی بالكلیم ففی غیبته عن قومه لمیقات ربه وارتدادهم فی المدة الأربعینیة كذلك المهدی قد غاب بعد وفاة أبیه الحسن علیه السلام عام مئتین و ستین للهجرة، و له غیبتان إحداهما أطول من الأخری.

و مبدأ الصغری إن اعتبرنا ولادته فمن خمس و خمسین بعد المئة لأنه توفی أبوه الحسن علیهماالسلام و له من العمر خمس و منتهاها وفاة النائب الرابع علی بن محمد السمری عام 329، و علیه تكون مدة الصغری أربعة و سبعین عاما و إن اعتبرناه وفاة السعكری عام مئتین و ستین فتسع و ستون.

و أما الكبری التامة فمبدأها 329 عام وفاة السمری و أما النهایة فلا یعلمها



[ صفحه 321]



الا الله جل جلاله و تاریخ كتابة هذا الكتاب ألف و أربع مئة و سبع سنین، و حتی یأذن الله عزوجل له بالخروج اللهم سهل مخرجه.

أو یراد من الشبه بموسی خفاء الولادة فكما خفیت ساعة ولادة موسی عن فرعون وقومه كذلك المهدی خفی و لم یعلم بولادته احد إلا القلیل.



[ صفحه 324]




[1] من حر العطش المؤنت منه حري و الرجل حران.

[2] البحار 152:51، عيون الأخبار 6:2 مع اختلاف يسير.

[3] النهاية في «رقي».

[4] البحار 153:51.

و من الصخرة الموصوفة بها الإنشاد العلوي:



لو كان في صخرة في البحر راسية

صماء ملمومة ملس نواحيها



رزق لنفس يراها الله لانفلقت

عنه فأدت إليه كل ما فيها



أو كان بين طباق السبع مجمعه

لسهل الله في المرقي مراقيها



حتي يوافي الذي في اللوح خط له

إن هي أتته و إلا فهو يأتيها



التوحيد 272.

[5] البحار 154 - 153/51.

[6] علل الشرائع 366 - 365/2، باب 87 الحديث 1.

[7] البحار 3:25.

[8] البحار 22:25.

[9] مصابيح الأنوار 399:2.